كتبنا سابقاً في نهاية 2020 مقالا يتسائل هل انتهنت شركة انتل؟
هذا في وقت كانت الشركة في حالة نمو سواءاً في القيمة السوقية أو المبيعات أو الأرباح وكانت قيمتها قرابة 200 مليار دولار اقل بعض الشيء من انفيديا وضعف قيمة AMD في ذلك الوقت.
اليوم وبعد خمس اعوام هوت القيمة السوقية لشركة انتل لقرابة الـ80 مليار دولار مقارنة بقيمة ايه ام دي التي وصلت لـ200 مليار دولار ناهيك عن المقارنة بانفيديا التي وصلت لأكثر من 3 ترليون دولار.
وأصبح الكل يتسائل هل انتهت شركة انتل؟! لكن متأخراً
إن المعلومات تعطيك لمحة عن المستقبل.. لكن المعلومات الكاملة وليس المقتطعة، فمن كان ينظر لانتل باعتبارها شركة معالجات حواسيب فقط فكان يقارنها ب ايه ام دي والتي تفوقت انتل عليها سابقا فكان يعتقد ان هذا سهل الحدوث مرة أخرى، ومن كان ينظر للاستحواذ على السوق فقط فبالطبع لم يكن لانتل منافس.
لكن النظر إلى الصورة الكاملة أظهر لنا الصورة القاتمة لانتل انذاك، فقد كانت تفقد قوة أداء النواة المنفردة مع تأخرها في تقنيات التصنيع كثيرا عن سامسونج وTSMC ناهيك عن صعود ARM السريع لمعالجات الحواسيب
وبالنظر مرة أخرى إلى الصورة الكاملة حالياً مع الأخذ في الاعتبار أن الشركة حققت خسارة بدلاً من الربح في عام 2024 لأول مرة منذ تأسيسها تقريباً، فهل مازال هناك أمل ام أن النهاية قد بدأت؟
منذ ثلاث أعوام تغير المدير التنفيذي لانتل وقام المدير الجديد بتغييرات كبيرة مطبقاً العديد من الأساليب التي ذكرناها مثل التصنيع لدى شركات اخرى كـTSMC وفتح مصانع انتل لتصنع معالجات لشركات التصميم، لكنه أيضاً لم ينفذ ما قد اسميته الحل الجذري وهو تخلي انتل عن معمارية X86 والتوجه إلى المعماريات المبسطة مثل ARM و RISC-V.
فالحلول المنطقية تم تنفيذها متأخراً والحل الجذري لم ينفذ أصلاً.
بأخذ كل ما ذكر في الإعتبار فأنا أعتقد أن انتل حالياً أصبحت مضطرة إلى ثلاث حلول جذرية إما تنفيذها جميعاً وإما نودع انتل بعد كل ما قدمته للتكنولوجيا على مستوى العالم.
الحل الأول: التوجه لمعمارية ARM
نعم، ما كان سابقا حلا جذريا يتطلب مخاطرة كبيرة اصبح الان امر بدهياً لا نقاش فيه، يذكرني هذا بفترة 2012 بعد ان أصبح مؤكداً انتصار الاندرويد لكن نوكيا اصرت على نهجها، لقد كتب هذا نهاية قطاع الهواتف في الشركة بعد عدة أعوام لكن القائمين على الوضع حينها لم يكونوا قد اقتنعوا بتفوق الاندرويد بعد وكلنا نعرف كيف انتهى هذا الأمر.
اليوم لم يعد بيد انتل رفاهية دراسة هل هناك مستقبل لمعمارية X86 أم لا، أو أن تجرب معمارية مفتوحة مثل RISC-V، بل اصبح الأمر واضحاً للغاية لقد انتصرت ARM وفي القريب العاجل قد تمسح X86 إذا قامت كوالكوم بتظوير معالجات X Elite في كل جيل تطورات كبيرة أو إذا دخلت ميدياتك السوق في 2025 كما هو متوقع بشرائح منخفضة التكلفة تستخدم في أجهزة اللاب توب المتوسطة والمنخفضة.
الحل الثاني: إطلاق دقة تصنيع 18A بدون تأخير
يفترض ان تطلق انتل التصنيع بدقة 18A (المقاربة لـN2 من TSMC) والتي تستخدم ترانزستورات GAAFET هذا العام، وحينها فقط ستكون قادرة على منافسة TSMC مما يضع قطاع التصنيع مرة أخرى على طريق المنافسة في المعالجات الرائدة والقدرة على استقطاب شركات التصميم خاصة انفيديا التي تخاف من الاعتماد الكامل على TSMC
الحل الثالث: بيع قطاع التصنيع
قامت انتل بالفعل بفصل قطاع التصنيع نسبياً عن قطاع تصميم المعالجات لكن الان هذا اصبح غير كافِ، فكما ذكرنا فإن الشركة حققت خسارة بمقدار 8 مليار دولار لعام 2024 هذه الخسارة كاملة تقريباً ناتجة عن قطاع التصنيع وليس التصميم، أي أن الشركة إذا تخلصت من قطاع التصنيع فإنها ستحقق أرباح مباشرة بالإضافة إلى استخدام مال الصفقة لضخه في مشاريع معالجات جديدة خاصة في مجال الذكاء الصناعي.
لكن من قد يشتري القطاع الذي يحقق خسارة بالمليارات؟!
يوجد عدة مشترين محتملين خاصة وأنه من المؤكد أن القطاع سيباع بأقل من قيمته الفعلية كونه يحقق خسائر.
من ضمنهم شركة انفيديا التي تستطيع تحمل خسائر القطاع حتى اعادة هيكلته لاستخدامه في شرائح الـAI المتوسطة واستخدام TSMC للشرائح الرائدة.
كوالكوم ايضا غير مستبعدة حيث أن صفقة استحواذ مثل هذه ستجعلها واحدة من الشركات القلائل التي تقوم بالتصميم والتصنيع مما سينعكس ايجابا على القيمة السوقية للشركة حتى لو اشترت القطاع وبدأت بتجزيئه وبيعه لشركات أخرى.
إذا قامت انتل بهذه التغييرات كلها ستضمن عودتها للسوق حتى لو كانت كلاعب متوسط أو ضعيف، وإذا قامت ببعضها فإنها تخاطر بالنجاح أو الفشل وإذا استمرت الشركة في نهجها الحالي وظلت عدة سنوات دون البدء في تنفيذ أي من تلك الحلول فغالبا ستصبح انتل شركة شبحية بتواجد ضعيف في السوق وخروج من البورصة وهو يعني الموت اكلينيكياً لعملاق التكنولوجيا الذي قدم لنا معالجات الحوسبة في الأساس.